السلام النفسي: أهميته, وأثره, وطرق تحصيله في ضوء السنة النبوية.

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم الحديث وعلومه ـ كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات

المستخلص

الحمد لله رب العالمين, خلق النفس فسواها, وألهمها فجورها وتقواها, وبشر بالفلاح من زكاها, وبالخيبة والخسران من دساها, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله, زكى به ربنا النفوس, وأخرجنا به من الظلمات إلى سبل السلام والنور؛ قال تعالى: ]هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ[([1]), وقال تعالى: ] قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[([2]), فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله, وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.....
    فإن القيم الإنسانية قد حظيت باهتمام بالغ في السنة النبوية, وتنوع هذا الاهتمام بين البيان لها تارة, والدعوة للتحلي بها تارة أخرى, والتحذير من تركها أو إهمالها تارة ثالثة, وقيمة السلام هي إحدى هذه القيم؛ فمن يتأمل أحوال الناس يوقن بأنهم سئموا العنف والصراع, وملوا من فقد الاطمئنان وغياب الاستقرار, وأن غايتهم هي الوصول إلى سلام يحقق لهم الأمن ويضمن لهم السعادة وإن بذلوا في سبيل ذلك جل ما يملكون أو كله, وهذه الغاية لن تدرك ما لم ينعم الإنسان بسلام نفسي؛ لأنه طريق الهدوء, والراحة, والسكينة, وهذه أبواب السعادة المنشودة والأمن المفقود, وحاجة الناس إلى السلام النفسي لا تقل أهمية عن حاجتهم إلى الطعام والشراب, بل إن الحاجة إليه تصبح أكثر إلحاحًا وأشد طلبًا إذا ما تأملنا حال الناس وواقعهم أفرادًا, وأسرًا, ومجتمعات, ودولاً ورأينا كم القلاقل, والاضطرابات, والنزاعات التي أضحت مسيطرة على كل شئون حياتهم وأمور معاشهم ولم يسلم منها إلا القليل, وشعور الإنسان بسلام داخلي يغمره هو مفتاح للسلام مع أسرته, وشعور الأسرة بسلام يكتنفها هو باب للسلام مع مجتمعها, وشعور المجتمع بسلام يحوطه هو طريق السلام مع غيره من المجتمعات والدول, وعندها يسود السلام ويعم العالم بأثره, ولهذه الغاية العظمى والهدف الأسمى اخترت الكتابة في هذا الباب لعلي أوفق إلى سلام أنعم به أو أكون سببًا في هداية غيري إليه, والله من وراء القصد, وهو يهدي السبيل, وهو حسبي ونعم الوكيل.

الكلمات الرئيسية